**أم المساكين **
ان الانسان الذي يحب الخير لأخيه المسلم و يطيب نفسا ببذل المال عند الحاجة، و بذل الروح عند الضرورة، و يضحي بمصلحته الخاصة في سبيل المصلحة العامة، و يرضى بالتقشف و الشظف و الحرمان، اذا كان فيه انتصار لحق أو خير ، بل يستمرئ المر و يستعذب العذاب، و يرحب بالموت الزؤام قي سبيل ما يؤمن به الهدى و الحق.
فليت شعري أين يوجد هذا الانسان ؟ و من أي مدرسة يتخرج؟
لعمري أن المدرسة الفذة التي تخرج هذا الصنف من الناس هي مدرسة الايمان.
الايمان هو الذي يهون على الانسان شهواته و مطالب دنياه، فاذا هو يكتفي بما يسد الجوعة من الطعام. و ما يستر العورة من اللباس. و اذا هو يرضى بالقليل من المال، و المتواضع من المسكن، بل يهون على الانسان ماله فينفعه، و مسكنه فيهجره، و أهله فيرحل عنهم ، بل يهون عليه حياته نفسها.
و ها نحن نحلق في سماء تلكم الزهرة النقية التقية التي لم تكن أما للمؤمنين فحسب... بل كانت أما للمساكين. انها الكريمة التي حبب اليها الجود و الانفاق فكانت لا يأتيها درهم و لا دينار الا أنفقته على الفقراء و المساكين حتى لقبت بأم المساكين
فتعالوا بنا لنفتح تلك الصفحة المباركة التي نتعرف من خلالها على أمنا الحبيبة زينب بنت خزيمة-رضي الله عنها-
لقد ولدت ضيفتنا المباركة-رضي الله عنها- في مكة قبل البعثة النبوية بثلاثة عشرة سنة تقريبا و كانت رحيمة بالفقراء و المساكين...و لما أشرقت شمس الاسلام على أرض الجزيرة و جاء النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الدين العظيم كانت من السابقات الى دخول في الاسلام ...
فعاشت في رحاب الاسلام من مهده، و رأت كيف كان المسلمون يضحون بكل شئ من أجل أن يظفروا بنعمة التوحيد، فازدادت ثباتا و استمساكا بدينها، فكانت صائمة قائمة عابدة لله-جل و علا- لا تفتر لحظة عن ذكر الله و لا عن الانفاق على الفقراء و المساكين حتى لقبت بأم المساكين-وهي أخت أم المؤمنين ميمونة لأمها-.